بيثاني هاملتون: تحدّت خوفها من سمك القرش لتعود إلى البحر بذراعٍ واحدة
( Lieber Films حقوق الصور ل )
أغلب الذين يسكنون بجوار البحر يبنون علاقةً خاصّة معه، وبالنسبة إلى بيثاني هاملتون وأمّها وأبيها وأخويها الاثنين كان الأمر شغفاً في حدّ ذاته. كانت بيثاني الصغيرة محاطة بعائلة مترابطة يسودها الودّ والتفاهم وحبٌ غامرٌ للرياضة وخصوصاً ركوب الأمواج. أخذت بيثاني هذا الحُبّ عنهم ولاحظ والديها أنّها تماماً مثل السمكة في البحر، فإذا هي خرجت منه سرعان ما عادت إليه، وإذا قذفتها الموجة إلى الشاطئ الرمليّ حاولت أن تركب الموجة التي تليها بدون تأخير
وعندما أصبحت بيثاني في الثالثة عشرة من عمرها كانت هواية ركوب الأمواج (أو الركمجة) قد اتخذت أهمّية كبرى في حياتها. فهي لم تحصل على المراكز المتقدمة في معظم المسابقات التي اشتركت فيها فقط بل ولفتت إليها أنظار الشركات أيضاً. فتقدّمت أكثر مِن شركة في مجال صنع المنتجات الرياضية لتكون الراعي الرسمي لها منذ أن كانت في التاسعة من عمرها
وتذكر بيثاني أنّها كانت تشعر بالحيرة هي وأمّها بشأن هذا المستقبل الرياضي، فهل تكون الركمجة هي الاتجاه الذي يجب أن تُركّز اهتمامها فيه أم أنّها يجب أن تتمهّل قليلاً؟ كان الإيمان عامراُ في قلب هذه العائلة لذلك لم تشكّ بيثاني للحظة أنّ السماء لا بدّ أن تدلّها على القرار بطريقةٍ ما، وأنّها ستعرف تدريجياً ما الخطوات التي يجب أن تتّخذها بشأن المستقبل
ذلك النهار الذي تناقلت أحداثه وكالات الأخبار والتلفزيون عام 2003 لم يكن يوماً عادياً. بينما بيثاني تركب الأمواج برفقة صديقتها وعائلتها قضم القرش ذراعها اليسرى وجزءاً كبيراً من اللوح الذي كانت تستخدمه
وهكذا، في غمرة كلّ هذه الزحمة من المسابقات والاستعدادات والتمارين وجلسات التصوير، توقّفت الحياة فجأة وسيطر الذهول على الجميع. نجت بيثاني مِن الموت بأعجوبة بحسب طبيبها المعالِج إذ نزفت وخسرت 60% من دمها. وأصبحت فجأة بذراعٍ واحدة. وبينما هي ترقد على سريرها في المستشفى تُحاول أن تتعافى وتلملم شتات نفسها كانت دوماً تتساءل إذا كانت ستركب الأمواج ثانيةً، ولكن ما مِن أحدٍ يجيبها بوضوح
وأتى الردّ بسرعة. أتى واضحاً. حمله إليها زائرٌ غير عادي، صديقٌ جاء ليطمئنّ عنها كان قد فقد إحدى ساقيه من قبل. قال لها بالحرف: "اليوم صباحاً ذهبت إلى البحر وركبت الأمواج، وحاولت أن أعتلي اللوح بيدٍ واحدة فكان ذلك ممكناً بالفعل." لمعت عيناها وأضاء وجهها! فإذا كان هو يستطيع الركمجة بساقٍ واحدة فطبعاً تستطيع هي! وفي أقلّ من شهرٍ بعد الحادث كانت بيثاني على الشاطئ برفقة صديقتها المقرّبة تحمل بيدها لوح ركوب الأمواج استعداداً لدخول البحر. هذه هي اللحظة التي ستظلّ لامعةً في تاريخ بيثاني. كم لزمها من الشجاعة والثقة والإيمان لتخطو هكذا خطوة أمام أعين الجميع؟ هل خافت من مواجهة قرشٍ آخر (أو هو نفسه) وسط الأمواج؟ لا شكّ أنّها كانت خائفة. هل منعها ذلك من العودة إلى البحر؟ هي لم تسمح بذلك. تقول بيثاني: "كان حُبّي لركوب الأمواج أكبر بكثير مِن الخوف". لم يشهد الناس يومها على شجاعتها فحسب بل وعلى المتاعب التي واجهتها داخل البحر أيضاً. كان عليها أن تعمل بكدّ لتتعلم كيف تفعل كل شيء بطريقة مختلفة. فإذا تصوّرنا أنّ الأمر كان سهلاً عليها في مجاراة الأمواج والسباحة بذراعٍ واحدة فهو بالعكس، كان صعباً جداً. "لم أكن أسعى إلى السهولة. فقط أردت الممكن." ما أجملها مِن فكرة، أن نحمل همّ الممكن فقط ونسعى إليه بكدٍّ وشغف لنكتشف بعد ذلك أنّنا تخطّيناه وبلغنا ممكناً جديداً. وهذا بالضبط ما حصل مع بيثاني التي عملت بجهدٍ وكدٍّ لتستعيد لياقتها وتتدرّب على ركوب الأمواج وتُعيد ثقتها بنفسها وتشترك في المسابقات مِن جديد حتّى نالت المركز الأوّل في بطولة ركوب الأمواج للنساء في الولايات المتحدة عام 2005
كلّ هذا سلّط عليها الأضواء بشكلٍ لم تعتد عليه ولم ترتح له أو تُحبّه أصلاً. وبعد الرحلة التي رافقت بيثاني فيها متطوّعين إلى تايلاند لمساعدة السكّان هناك إثر التسونامي الذي أصابهم، تجاوز هذا الاهتمام كلّ توقّعاتها. هناك علّمت الأيتام الصغار ركوب الأمواج فأخذوا منها هذه الهواية الجديدة وعادوا إلى البحر بعدما كان يُمثّل لهم خطراً في حدّ ذاته. وعادت إلى منزلها في هاواي لتجد عدداً هائلاً من رسائل المعجبين والمعجبات الصغار في انتظارها يُعبّرون لها عن انبهارهم بما قامت به وبمحاولاتها المتكرّرة لركوب الأمواج. وكان مِنهم مَن فقد طرفاً من جِسمه فوجدوا في بيثاني أملاً كبيراً لحياةٍ أفضل يمكنهم أن يعيشوها. بسرعة أدركت بيثاني أنّها أصبحت مثالاً يُحتذى في تجاوز العقبات، ببساطة أصبحت بطلة في فنّ الممكن. وهذا ما دفعها لتتحمّل ضغط الصحافة والصحافيين فأعطتهم من وقتها حتّى هذه اللحظة. كانت تلك الرسائل أكبر دليل أنّ ثمّة أحد يسمع ويُشاهد، وأنّ لها دوراً مهمّاً في تشجيع كلّ مَن هم بحاجة إلى الدعم والتشجيع. كَم أصبحت ممتنّة لهذا الموقع الذي وضعتها السماء فيه بعد الحادث، أن تتمكّن مِن زرع الأمل في نفوس البعض
تابعت بيثاني ركوب الأمواج واشتركت في مسابقات عالمية في السنوات التي تلت، واحتلّت المراكز المتقدّمة في النهائيات لتُصبح راكبة عالميّة محترفة تُجاري الأمواج العملاقة. والحقيقة أنّ ركوب تلك الأمواج العالية ليس بمزحة، وهي هواية خطرة لمَن يفتقد الخبرة واللياقة وحتى لمَن يتمتّع بهما.
( Lieber Films حقوق الصور ل )
وعندما يسألونها عن روح التحدّي التي تتمتّع بها وكيف وصلت إلى هذا المستوى تُجيب بيثاني "كان عليّ أن أتحلّى بالشجاعة لأتمكّن من ركوب الأمواج السهلة أولاً في المياه الضحلة (غير العميقة) وبعد ذلك العمل جاهدة حتى أصل إلى مستوى احترافي أعلى لركوب الأمواج." ولكنّها في قمّة مجدها تُضيف نصيحة غالية لمَن يُريد أن يستمع، أنّها مهما عملت واجتهدت لا بدّ مِن توقّع المشاكل(تحديات الحياة)، فهي جزءٌ طبيعي من الحياة ولا بدّ من تقبّل وجودها والتعامل معها. فها هي في إحدى مشاهد الفيديو تركب موجة عملاقة بطول 60 قدماً بدون أيّ عوائق، بينما في فيديو آخر نستمع إليها تصف كيف هبطت بها موجة عالية إلى قاع البحر وأبقتها هناك بضع ثوانٍ تُصارع ضغط الموج ريثما تمكّنت من السباحة إلى السطح لتلتقط أنفاسها. استوعَبَت بيثاني أنّ هناك تحدّياتٍ تظلّ تفرض نفسها حتّى وهي في أعلى مستويات الاحتراف
لم نكد ننتهي من كتابة هذا الموجز عن حياة بيثاني حتّى لاحظنا وجه الشبه بينها وبين قصّة إيمي بوردي التي ألهمتنا بقوّة مثلها. فالحُبّ ودفء العائلة الذي أحاط ببيثاني وشجّعها كان هو نفسه البيئة الداعمة التي أسعفت إيمي وساندتها عندما كانت بأمسّ الحاجة إليها. أمّا بالنسبة إلى الشغف فنجده حاضراً بقوّة في قصّتيهما ومئات الكتب التي تتناول حياة الناجحين. لذلك لا تتردّد في البحث عن شغفك في أيّ عمرٍ كنت، ولا تستهِن بقوّته لأنّه دافعٌ مهمّ يبعث الحياة في الروح. وحتّى لو لم تجد لك شغفاً محدّداً، لا تدع هذا الأمر يُحبطك أو يُلهيك عن الاستمتاع بالحياة والانتباه للتفاصيل الرائعة في يوميّاتك. وفي النهاية لا ننسى أن ننصح أنفسنا قبل أن ننصحك بأن تعود إلى الطفل الذي كان بداخلك أو تبحث عنه وتمنحه المساحة التي كان يحتلّها في الماضي. السبب أنّ بيثاني كانت أقرب إلى الطفولة عندما حدث معها ما حدث وهذا – بتقديرنا – أعطاها نَفَساً جديداً في سيرها إلى الأمام بدون التلفّت إلى الوراء والوقوع في الاكتئاب
بيثاني الآن زوجة وأمّ لطفلين وحامل بالطفل الثالث. وتتمّ دعوتها باستمرار في مختلف الدول حول العالم للتحدّث عن تجربتها وعن مواضيع أخرى في الصحّة ودعم الشباب. تمّ إنتاج أفلامٍ عنها أبرزهم
Soul Surfer
وأيضاً
Unstoppable
لاحظتو كيف كان تأثير قوة الشغف في حياة بيثاني وإيمي ؟
كان عامل ودافع كبير وقوي للعودة للحياة وغالباً بالنسبة لهم كان هو الحياة
أؤمن بإنه الشغف له قوة في حياة الشخص لكن لاتضع عدم ايجاد الشغف آو العمل المستمر يجرف عن تفاصيل الحياة Soul البسيطة والجميلة وأكثر فلم وضح هذه النقطة بشكل عميق وحلو، الفيلم الكرتوني
ولاحظو كيف البيئة تلعب دور جداً كبير في حياة الشخص
شاركونا شو أكثر درس تلعمتوه من القصة ؟
شو الملهم بالنسبة لكم في القصة ؟
:المراجع
مقابلة مع بيثاني
Leave a comment