قصة نجاح إيمي بوردي، بعد أن خسرت ساقَيها الاثنتين فازت بميدالتين ذهبتين في كأس العالم للتزلج

 

فازت بميدالتين ذهبتين في كأس العالم للتزلج بعد أن خسرت ساقَيها الاثنتين، والطحال، والكليتين، وحاسة السمع في أذنها اليسرى. حصدت "إيمي بوردي" الجوائز والميداليات وحتى رقصت في المسابقات! قصّة مِن أروع ما يكون، بطلتها برهنت أنّها تستحقّ كلّ المساحات لنكتب عنها

 

لنعود قليلاً إلى البداية، حيث نشأت إيمي في مدينة لاس فيغاس الحارّة. كانت ابنة التسعة عشر عاماً تُخطّط لحياتها المستقبلية بتفاصيلها، فهي تُحبّ السفر وتهوى التزلج على الثلج. تستعدّ لتروي الحكايات وتعيش المغامرات. والطريق الأسرع للوصول إلى هذه الأهداف؟ أن تعمل بوظيفة تستطيع معها أن تُسافر حول العالم وتُمارس هوايتها الأحبّ إلى قلبها. فاختارت أن تدرس التدليك العلاجي. وهكذا تخرّجت واستلمت وظيفتها الأولى. تقول إيمي: " لأول مرة أصبحت حرة ومستقلة وأستطيع الذهاب لأي مكان أريده، وكلّ ما أحتاج إليه هو يديّ الاثنتين وطاولة التدليك للعمل."

!حتى أخذت حياتها منعطفا آخر وأصابها التهاب السحايا

الزكام الخفيف الذي أحسّت به والألم في رقبتها لم يكن عارضاً بسيطاً. والهجوم الذي بدأه هذا الالتهاب البكتيري كان كافياً ليُقنع الأطباء بأنّ لا فائدة من جهودهم، إلى أن مشى الطبيب الجرّاح دكتور "آبي" بجانب غرفتها. استغرب حال هذه المريضة الشابّة، وعرف أنّ عدد كريات الدم كان منخفضاً جداً لذلك لم يجرؤ أحد على إجراء أي عملية لها لأنها ستنزف حتى الموت. نظر إليها الدكتور آبي وتكلّم مع والديها بصراحة، ففرصتها ضعيفة للنجاة، ونسبة بقائها على قيد الحياة لا تتعدّى الـ 2%. بكى مع أهلها واحتضنهم وذهب منزعجاً إلى منزله. وفي هذا الوقت فعلاً أقاموا لها طقوس الوداع الأخيرة في المستشفى.

!لكن ما حدث بعد ذلك غيّر مسار الحكاية بالكامل

فبعد أن وصل الدكتور آبي أمام منزله أحسّ بشيءٍ يُسمّيه هو بالصوت الداخلي يقول له "عُد إلى المستشفى". وبالفعل، يقول الطبيب: "أنا حتى لم أفتح باب الكراج، شيءٌ ما جعلني أنعطف بالسيارة عائداً إلى المستشفى، وهذه المرة قررت أن أفعل شيئاً." ذلك التدخّل الإلهي ألهمه أن يسعى بمحاولة قد تُنقذ حياتها ويُجري لها العمليّة الخطيرة. وفي وسط غيبوبتها سمعت إيمي طبيبها الملاك يقول لها وهو يُباشر بالعملية "إيمي، أيّ شيء تؤمنين به، فكِّري به الآن." وبالنسبة إليها، لم يكن هناك غير جوابٍ واحدٍ ردّدته في قلبها: "الحُبّ. أنا أؤمن بالحُبّ."

تقول إيمي بأنّها وسط العمليّة أحسّت بدقّة قلبها الأخيرة، وبآخر نَفَسٍ لها، وأدركت للتوّ ما حدث، إنّها انتقلت فعلاً إلى عالمٍ آخر (ما يُسمّى بتجربة الاقتراب من الموت) وأحست بنفسها بمكان معتمٍ قليلاً بداخله ضوء أخضر خفيف، استطاعت من خلاله أن تُميّز ثلاثة ظلال. فهمَت منهم أنّها حرّة الاختيار، فيُمكنها الذهاب معهم أو العودة لتحيا. فماذا خطر لها؟ تذكّرت كم تُحبّ رائحة المطر، وكم تعشق صوت موج البحر، وربما كلّ الأشياء الصغيرة التي تُحبّها في الحياة، والتي ليست مستعدّة أن تُفارقها بعد، فرفضت الذهاب إلى أي مكان! هل هي قوّة الحبّ؟ حبّ الحياة بأشيائها الصغيرة التي ننساها وسط الأمور "المهمة" الأخرى؟ 

نجحت العمليّة، لكن لا مفرّ من الخسائر. وبتر ساقَيها الاثنتين كان من ضمن الخسائر.

 

،

ذا كانت حياتك عبارة عن كتاب وكنت أنت المؤلف، فماذا تريد لحياتك أن تكون؟"

الجملة الشهيرة التي بدأت بها إيمي قصتها في مؤتمر تد إكس عام 2011، كانت الأساس الذي انطلقت منه لتخطو إلى الأمام. تقول إيمي "بينما هم يجرونني إلى غرفة العمليات ليبتروا ساقَي أحسست بالخوف الشديد ووضعت على الفور ثلاثة أهدافٍ لي: ألا أشعر بالشفقة على نفسي مطلقاً، أن أتزلّج على الثلج في تلك السنة بطريقةٍ ما، وأن أُساعد الآخرين في مثل حالتي."

لكن مِن أين لها هذه الشجاعة؟ هذه القدرة على النظر إلى الأمام بدون الالتفات إلى الخلف في ظلّ تلك اللحظة الرهيبة؟ كيف استنبطت ثلاثة أهداف فجأة بدل أن تغرق في عالم آخر مليء باليأس والقهر؟ الجواب أبسط مما نظن. كانت تشعر بأنّها ما زالت قادرة على التحكّم في أفكارها لأنّ هذه الأفكار كانت كلّ ما تبقّى لديها آنذاك. ولأنّها كانت مصمّمة أن تعيش حياةً جيّدة.

حان الوقت لتعود إيمي إلى بيتها، وكانت هذه أمنيتها بعد شهرين متتاليين خسرت فيهما ساقَيها الاثنتين تحت الركبة، والطحال، والكليتين، وحاسة السمع في أذنها اليسرى. وبقي أن تتسلّم الساقَين الصناعيّتين... الأمل الجديد الذي انتظرته بفارغ الصبر. وكانت المفاجأة الصاعقة. مشهدٌ لا يسرّ. أطراف صناعية عبارة عن كتل معدنية ضخمة مع أنابيب مشدودة ببراغي للكاحل. تقول إيمي بأسىً واضح: "لم أعرف ماذا كنت أتوقّع، ولكنّي لم أتوقّع هذا". وما أشعرها بالمرارة أنّ الأطراف تلك كانت مؤلمة للغاية وغير مرنة وحدّت من حركتها إلى درجة كبيرة. فكيف ستُسافر حول العالم، وتعيش المغامرات وتروي الحكايات وتتزلج على الثلوج بهذه الأقدام الجسيمة؟ لم يكن لديها أدنى فكرة. كلّ ما قامت به عند عودتها إلى المنزل هو الزحف إلى سريرها والانسحاب من واقعها المحطَّم إلى النوم... لشهورٍ كاملة.

 

"تقول إيمي "ليس الحزن أمراً تتجاوزه وتتخلّص منه.

هو شيءٌ تتعلّم أن تحيا معه. لا تكتمه، لا تحجبه، فالسرّ يكمن في أن تشعر به وتسمح بمروره في عروقك حتّى يخرج وحده. كلّما سمحت لنفسك بأن تشعر به أصبحت قادراً على إدارته وعلى مداواة جروحك."

عَبَرَت إيمي بحزنها إلى الجانب الآخر. وعبّرت عنه في مذكّراتها. هي تعرفه جيّداً. ورأت ما يُمكنه أن يهدم في روحها وجسدها. وواجهته بكافّة الطرق. وكلّما ذهبت أفكارها في اتجاه الحزن واليأس انتبهت وبدّلتها إلى جانبٍ أكثر إيجابيّة. واستغرقت في أحلام اليقظة. تماماً كما كانت تفعل في طفولتها. رأت نفسها على لوح التزلّج والهواء البارد يلفح وجهها، وحبيبات الثلوج تتطاير حولها بينما ينزلق اللوح الذي تركبه منساباً على قمم الجبال. كان خيالاً لكنّها شعرت أنّها تعيشه وأنّها يُمكن أن تُحقّقه بالفعل.

ليست المخيّلة أمراً عادياً. فمِن هذه النقطة بدأ فصلٌ جديدٌ في حكاية إيمي، جزءٌ فيه ما فيه من العمل، والالتزام، والمزيد من الشغف. فبعد سبعة شهور من العمليّة، وأربعة شهور من تجربة ساقَيها الصناعيّتين، وقفت إيمي وسط الثلوج على لوح التزلّج الخاصّ بها وبدأت بالتزحلق. حقيقةً وليس خيالاً هذه المرّة. إلا أنّ أطرافها الجديدة لم تسمح لها بالانحناء كما يجب، وأوقعتها أرضاً في ارتطامٍ مؤلم. فاضطرّت إيمي لمواجهة هذه العقبة بمنتهى الإبداع. سنة كاملة من الأبحاث ودقّ الأبواب قضتها لمعرفة كيف يُمكن استبدال هاتَين الساقَين بدون أن تلقى جواباً شافياُ، إلى أن قرّرت مع مَن يصنَع لها السيقان أن تُصمّم أطرافاً صناعيّة خاصّة بها! ونجحا نجاحاً باهراً، وكانت هذه الأطراف بالإضافة إلى الكلية التي منحها إياها والدها أجمل هديّة في عامها الـ 21. 

وشيئاُ فشيئاً بدأت حياتها تلتئم وتزدهر، فعادت إلى العمل، والجامعة، وأنشأت منظمة غير ربحية للشباب ذوي الإعاقات الجسدية لمساعدتهم في مزاولة الأنشطة الرياضية. فكانت في عون الآلاف ممن هم في مثل حالتها. والأهمّ من ذلك أنها ساعدتهم بإدراك أنّ لهم حياةً كريمة إذا وجدوا الدافع الحقيقي نحوها وعملوا بجدّ لنيل أهدافهم، كما عملت هي. ولم تقف حكايتها هنا بل استمرّت لتحصد الجوائز والميداليات الذهبية لعامَين متتاليَين في بطولات البارالمبية في التزلج على الثلج. كم تمرّنت واجتهدت لتنال هذه المكانة! ووصل بها حبّ تحدّي الصعاب أن اشتركت في البرنامج العالمي "الرقص مع النجوم" لتصل إلى النهائيات!

بالفعل، قدرة إيمي على تخطي الصعاب وتذليل العقبات دليلٌ واضح أنّ الإنسان عبارة عن قدرات، ويمكنه تمكين هذه القدرات، ودوافع يجب أن يبحث عنها ليعيش الحياة التي تُشبهه وترضيه، وأولاً وأخيراً شغفه الذي يبعث الحياة في روحه.

 

:قصة إيمي عجيبة و مليئة بالدروس والعبر، شخصيا تعملت أكثر من درس من قصتها

 

تعلمت بأن الخيال قوة وكل ما تستطيع تخيله فأنت تستطيع تحقيقه

تعلمت أن بعض الاحيان للمضي قدما نحتاج للتخلي عن ما كنا عليه سابقا وتقبل ما عليه نحن اليوم

تعلمت أن الشغف والدافع عامل مهم لتحقيق أهدافك لكن الاستمرارية والالتزام ضروري في رحلة تحقيق الأهداف

 تعلمت بأن العقبات والتحديات إما نجعلها عائق في طريقنا أو حافز ودافع لتقدمنا وابداعنا، ومنظورنا للأمر واختياراتنا اليوم تلعب دور كبير في حياتنا وصنع ما سيكون عليه مستقبلنا

تعلمت أن التحدي التي تعيشه اليوم قد يكون سبب لتغيير حياة ملايين الناس للأفضل ويكون سبب لمساعدة الناس لعيش حياة طيبة كريمة كما فعلت إيمي

  تعلمت أهمية ملاحظة والاستمتاع بالتفاصيل الصغيرة التي تملؤ حياتنا بالحياة، مثل رائحة المطر، صوت موج البحر وحوار مع صديق الروح. تستطيع تعويد ذاتك بملاحظة النعم بكتابة ثلاثة امور ممتن لها كل يوم، فبعض الأحيان نرى أن هذه النعم موجودة للأبد لكن ما تعلمته من عام 2020 وانتشار فايروس كوفيد19 هو تقدير النعم البسيطة في حياتنا وملاحظتها. وأن كنت تبحث عن أداة تساعدك بالالتزام، فتم تصميم مذكرة حياة تشبهك للالتزام بتمرين الامتنان. لكن يمكنك تبدأ بتطبيق التمرين الآن فكل ما تحتاجه ورقة وقلم فقط

 

 ،

شاركنا تحت أكثر أمر لفت إنتباهك في القصة 💫 ؟

ماهو الدرس الذي غير منظورك بالكامل تجاه الحياة 🌿 ؟

ماهو أهم درس تعلمته من القصة 🍃؟

 

،

 :مصادر ومراجع لقصة إيمي بوردي

هذا فيديو تتحدث فيه إيمي عن قصتها في مؤتمر تد يكس

الفيديو فعلاً ملهم ويستحق المشاهدة ويوجد فيه ترجمة   للغة العربية

https://www.youtube.com/watch?v=N2QZM7azGoA

 

هذا فيديو مقابلة أوبرا مع إيمي، تحدثت خلال هذه المقابلة عن تفاصيل اكثر عن قصتها

https://www.youtube.com/watch?v=0IeIib_g3bc

 

 كتاب (أموت كي أكون أنا) للكاتبة "أنيتا مورجاني" كتبت فيه قصتها عن تجربة الاقتراب من الموت لو أحببت القراءة في هذا الموضوع

https://www.goodreads.com/ko/book/show/26089319

 

4 comments

سلمى

❤️ الحب، انا أومن بالحب

سارة

قصتها روعة! فيها نوع من الألم لكن اصرار ايمي عجيب. تعلمت ان مهما كانت العقبات، فالحياة خيارات، وفعلاً كل شخص من يختار سيناريو حياته بطريقة او بأخرى!!

Ruqaya

قصتها ملهمه جداً 😍 وخاصه كل هذا صار وهي ف 21 من عمرها قدرت تتجاوز الأمور وتتغلب عليها بشجاعه

زينب

التركيز على الاشياء يزيد من تواجدها في حياتنا ،💚لذلك كن ممتن لكل تفاصيل يومك البسيطه والجميله💚تقيد النعم بالشكر💚

Leave a comment